اللاجئين السودانيين في لبنان

 
تمرّ سيارة فارهة من أمام «المفوضيّة العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين». يفتح الرجل شباك سيارته ويرفع نظاراته الشمسيّة عن عينيه ليلقي نظرة على أولئك الملقون مع عائلاتهم على الرصيف. هم يشبهونه. أو ليس تماماً. فسيارته التي تحمل لوحة «هيئة سياسية»، كافية لأن تجعل أحد رجال أمن المفوضيّة يتوقف ويلقي عليه التحيّة. لا شكّ أنّ السيارة تابعة للسفارة السودانيّة، وهي المكان الذي لا يتجرّأ اللاجئون السودانيون على الذهاب إليه. لا يمتلكون سوى حقّ التظاهر على الرصيف مقابل مكاتب المفوضيّة التي ضاقوا ذرعاً من صمّ آذانها أمام مطالبهم. صباح أمس، بدأ اللاجئون السودانيون اعتصاماً مفتوحاً أمام المفوضيّة، جعل لحسن حظّهم، بعض موظّفيها ينزلون لمقابلتهم. عقد اجتماع قصير، سأل فيه السودانيون المعنيين عن تأمين الحماية لهم في بلد أصبحوا يشعرون فيه بأنهم كـ«جرذان عالقين في حفرة». وطالبوا بتحديد الأسباب التي تجعل المفوضيّة تدفعهم إلى الانتظار سنوات، من أجل «التدقيق الأمني» في ملفاتهم من قبل الجهات الأميركيّة (وهو بلد اللجوء الوحيد المفتوح أمام السودانيين بحسب اللاجئين)، كما البحث في موضوع المساعدات الإنسانيّة التي من المفترض أن تؤمّنها المفوضيّة لهم. انفضّ الاجتماع السريع مع اللاجئين على لا شيء، بحسب هارون عبد العزيز. فالمسؤولون في المفوضيّة طلبوا منهم أن يتقدموا بطلب فتح ملفّاتهم، ليراجعوا وضع ومشكلة كلّ واحد منهم، بينما يقول اللاجئون إنّ هذه الخطوة ليست إلا لتضييع الوقت، بما أنّ موظّفاً من المفوضيّة مرّ صباحاً على اعتصامهم ليسجّل أرقام ملفات المعتصمين. لا ينشد اللاجئون حلاً جماعياً لهم، ولو أنّ مسألة الحماية من الاعتداءات لا يمكن أن يكون لها حلّ فردي، لكن هارون يقول إنّه من خلال «لجنة اللاجئين السودانيين في لبنان» التي أنشأوها اكتشفوا أنّ المفوضيّة لن تقدّم لهم حلاً جماعياً. ستعمد المفوضيّة الآن، بحسب مصدر فيها، إلى دراسة ملفّ كل واحد من المعتصمين لتعطيه الأجوبة عن أسئلته. وبينما يخبرنا المصدر أنّ المعتصمين فكّوا اعتصامهم بعد الاجتماع، يبحث اللاجئون عمن يمتلك خيمة بينهم ليبيتوا تحتها ليل اليوم الأول من اعتصامهم!