إن ثورة الشباب، هي ثورة آتية من الشعب، وإلى الشعب، وهي ثورة معبرة عن طموح إرادة الشعب في كل بلد وأقصى ما يطمح إليه الشعب في كل بلد أن يتحررن وأن يتمتع بالديمقراطية، في إطار دولة مدنية ديمقراطية علمانية، وأن يتم التوزيع العادل للثروة الوطنية في كل بلد وأن يتم تشغيل جميع أبناء الشعب، من المحيط، إلى الخليج، وأن تكون هناك تنمية اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، تتناسب مع النمو الديمغرافي، وأن يتمتع جميع الناس، بجميع الحقوق: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وأن تحضر كرامة الإنسان في العلاقة مع المواطنين في كل بلد وأن يعتبر احترام كرامة الإنسان مسألة مقدسة، حتى لا يتعرض المواطنون إلى دوس كرامتهم من قبل الحكام، ومن قبل المستغلين (بكسر الغين)، الذين لا يهتمون إلا بتنمية ثرواتهم، على حساب كرامة الإنسان.
ولذلك، فثورة الشباب، يجب أن تعتبر ثورة من أجل محاكمة ناهبي ثروات الشعوب؛ لأن تركهم بدون محاكمة، لا يعني إلا الإفلات من العقاب، والإفلات من العقاب، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى المزيد من نهب ثروات الشعوب، التي تؤدي ضريبة الإفلات من العقاب على مدى عقود بأكملها.
ومحاكمة ناهبي ثروات الشعوب، تعني محاكمة:
الفساد الإداري، المنتج لنهب ثروات الشعوب؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك نهب، بدون قيام فساد إداري، قائم على أساس تفشي المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء.
فالفساد الإداري، يمهد الطريق أمام عملية النهب الهمجية، التي تتعرض لها أموال الشعوب.
ولذلك، فالقضاء على الفساد الإداري، ومحاكمة المسؤولين عن شيوعه في الإدارة، في كل بلد من البلاد العربية.
وبدون فساد إداري، لا يصل المستفيدون منه إلى المراكز الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتصير الإدارة في البلاد العربية مواطنة، خالية من كل أشكال الفساد الإداري.
الفساد السياسي، الذي يقف وراء إفساد الحياة السياسية، في مختلف المحطات الانتخابية، وعلى جميع المستويات، سعيا إلى تزوير إرادة الشعب في كل بلد.
ذلك أن الفساد السياسي، لا يهدف إلى إيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، بقدر ما يهدف إلى إيجاد مؤسسات مزورة على المقاس، حتى تخدم مصالح الحكام، ومن يسبح في فلكهم، حتى تصير، وبإخلاص، في خدمة مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل أن تتحول إلى أدوات منظمة، لعملية نهب ثروات الشعوب، سواء كانت هذه المؤسسات ذات بعد محلي، أو إقليمي، أو جهوي، أو وطني.
ولذلك كانتن ولا زالت، ضرورة محاكمة من يقف وراء انتشار الفساد السياسي، في كل بلد مسألة أساسية؛ لأن الفساد السياسي هو التعبير الأسمى، على المستوى السياسي، عن عملية النهب المتواصلة، التي تتعرض لها ثروات الشعوب في البلاد العربية، خاصة، وأن الفساد السياسي، يقف وراء المغالاة في ممارسة الفساد الإداري، وفي انتشار الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي.
الفساد الاقتصادي، الهادف إلى التسريع بتكديس ثروات هائلة، في أيدي فئة قليلة من المفسدين الاقتصاديين، وخاصة الذين يستفيدون من اقتصاد الريعن الذي يشيع كثيرا في البلاد .
فالمفسدون الاقتصاديون، يعتبرون مسؤولين عن تفشي الممارسات الاقتصادية الفاسدة، كاقتصاد الريع، والاتجار في المخدرات، وفي التهريب، وغير ذلك من الممارسات التي تتنافى مع قيام اقتصاد وطني متحرر، قائم على الصناعة، والزراعة، المنتجتين للخيرات، والمشغلتين لليد العاملة، والمفعلتين للتجارة الداخلية، والخارجية.
ومن هذا المنطلق المذكور، تكون محاكمة الذين يقفون وراء الفساد الاقتصادي ضرورية، للتخلص من كل أشكال النهب، التي تتعرض لها ثروات الشعوب .
الفساد الاجتماعي، الذي يستهدف مجالات التعليم، والصحة، والسكن والشغل، بهدف تحويلها إلى مجالات لنهب جيوب المواطنين، وعلى نطاق واسع، حتى يصير التعليم من بدايته، إلى نهايته بالمقابل، وتصير الصحة كذلك، ويصير السكن بعيدا عن متناول ذوي الدخل المحدود، ويصير التشغيل في حكم المستحيل، إذا لم تدفع رشوة ضخمة، من أجل الحصول على شغل معين. وهو ما يعني أن محاكمة المسؤولين عن تفشي الفساد الاجتماعي، بأشكاله المختلفة، صارت ضرورية، من أجل إيقاف تدهور المجتمع في كل بلد من البلاد ومن أجل أن يصير تلقي الخدمات الاجتماعية ضروريا، ومتاحا لجميع المواطنين، في كل بلد باعتبار الخدمات الاجتماعية حقا لجميع المواطنين، في كل بلد من البلاد .
- الفساد الثقافي، الذي يؤدي إلى إفساد القيم الثقافية، الموجهة لمسلكية الإنسان، في كل بلد من البلاد ومن أجل أن يصير فساد القيم في المسلكية الفردية، والجماعية، وسيلة للقبول بكل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، بصفة تلقائية، فكأن ذلك الفساد قائم على أساس قانوني في واقع الإدارة، وفي الواقع السياسي، وفي الواقع الاقتصادي، وفي الواقع الاجتماعي، مع أن الأمر ليس كذلك.