أكد الباحث الأثرى سامح الزهار المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية أن أول دستور مدني عرفه التاريخ الإسلامي هو دستور “المدينة” الذى تمت كتابته وقت هجرة سيدنا محمد (ص) إلى المدينة المنورة. في السنة الأولى للهجرة عام 623م، واعتبره المؤرخون أحد أهم التجارب الديمقراطيه فى الحضارة الإسلامية، حيث استهدف تنظيم العلاقة بين الطوائالمجتمعية وكان أهمها المهاجرين والأنصار والفصائل اليهودية.
وقال الزهار- فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إنه من خلال هذا الدستور، الذى يتكون من 49 مادة، صارت المدينةالمنورة دولة مكتملة الأركان رئيسها الرسول ومرجعيتها الشريعة الإسلامية الحقة وكفل جميع حقوق الإنسان كحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر والمساواة والعدل.
وأضاف أن النص الدستورى “لدستور المدينة” هو (بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن اتبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ” مؤكدًا أن هذا الدستور أرسى مبادئ وأسسًا وقواعد وقيمًا تمكن الناس من العيش المشترك مع المختلفين معهم عرقيًا أو دينًا أو ثقافيًا.
واشار إلى أن أول مادة حرص أن ينص عليها الدستور هى المساواة بين الجميع “المهاجرون من قريش وبنو عوف وبنو سعادة وبنو جشم وبنو النجار وبنو عمرو وبنو النبيت وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثمًا أو عدوانًا أو فسادًا بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعًا ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمنًا في كافر ولا ينصر كافرًا على مؤمن.
وأوضح أن دستور “المدينة” تضمن نصوصًا تحدد الحريات وتحافظ على مبادىء وقيم التعايش والتعددية الدينية وهى “أن المؤمنين ينبئ بعضهم عن بعض بما نال دماؤهم في سبيل الله، وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفسًا ولا يحول دونه على مؤمن، وأنه من اعتبط مؤمنًا قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولى المقتول (بالعقل)، وأن المؤمنين عليه كافة لا يحل لهم إلا قيام عليه، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وأنهم أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته”.
وقال إن دستور المدينة تضمن نصًا صريحًا لتحقيق العدالة الاجتماعية ونشر مبادئها فى المجتمع وهى “يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وأن لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها، وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله، وأنهم إذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم”.
وأضاف أن الدستور شرع لمبدأ مهم للحافظ على المواطنه والأمن فى المجتمع وهو “يهود الأوس مواليهم وأنفسهم لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، و أنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو آثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله”.