ورد في أخبار السعودية أن مأذونا من أبرز مأذوني نجران اعترف بزواجه من طفلة لم يتجاوز عمرها 12 ربيعا ويشير الخبر إلى أن المأذون عندما شاهد زوجته للمرة الأولى ونظر وأدرك صغر سنها لم يعرف كيف يتعامل معها فكانت تقول له : لا علم لماذا جاء بي أهلي إليك!
فصار يحدثها عن قصة أبينا آدم وأمنا حواء ويقول لها كيف أرتكبا المعصية التي تسببت بطردهما من الفردوس بدون أن يتذكر (سماحته) بأن ما يرتكبه مع هذه الطفلة ابشع من معصية آدم وحواء وما آلت إليه تلك المعصية.
وهل يعقل أن نجد في عصرنا الواحد والعشرين أناسا يعيشون عصر الجاهلية في صحراء البادية ويتوهمون بأنهم خير الناس وقدوة البشرية!
واقع الحال أن مفهوم الزواج وتكوين العائلة ليس له معنى واضح محدد في منطقتنا العربية يمكن أن نتفق عليه، لأننا نواجه مفهومين من الزواج وبالتالي نوعين من العائلات: العائلة المتوحدة الزوج والزوجة وهي وحدة اجتماعية متماسكة لها طابع الديمومة وتسعى باستمرار إلى السعادة الزوجية، والعائلة المركبة على قاعدة انكحوا ما طاب لكم من النساء وهي مؤلفة من رجل واحد وعدة نساء تربطهم علاقات اجتماعية واقتصادية ومالية معقدة وأحيانا منافية للطبيعة البشرية كما هو حال مأذون نجران الذي نتكلم عنه.
صحيح أن الموضوع حساس ويثير مشاكل كثيرة لارتباطه بالمعتقدات الدينية والتقاليد القبلية التي يتمسك بها أصحابها عن إدراك أو بدون إدراك فيعتبرونها من اسرارهم الخاصة وتراثهم الذي يجب عدم المس به أو البحث في صلاحيته للزمن الذي نعيش فيه أو البحث في تجانسه مع متطلبات العصر الذي وصلنا إليه.
والسؤال الذي يجب على كل إنسان عاقل ان يطرحه على نفسه أولا ثم على غيره : ما الهدف من الزواج هل هو المتعة أم السعادة؟
الذين يبحثون عن المتعة يسمونه نكاحا لقاء بدل مالي هو المهر. هنا تتحول العلاقة بين الرجل والمرأة إلى طرفين يتنازعان المنافع داخل العائلة لأن الرجل في هذه يسعى إلى إشباع غريزته والمرأة تسعى إلى ابتزاز الرجل فتتكون علاقة بينهما قائمة على الكذب والرياء وتنازع الرغبات والمصالح فتصبح القيم الإنسانية كالحب والإخلاص والوفاء وغيرها في مهب الريح ونادرا ما يصل الزوجان إلى السعادة الزوجية.
ومن الراهن أن الغريزة الجنسية مشتركة بين الإنسان والحيوان مع الفارق أن الحيوان يشبع غريزته بدون مقابل في حين فرض على الإنسان (الذكر) أن يدفع بدل تمتعه بالمرأة.
لم نعرف كم دفع مأذون نجران من المال لقاء تمتعه بطفلة الاثني عشر ربيعا التي بدورها لم تعرف لماذا هي موجودة مع الماذون.
لا جدل بأن هكذا زواج هو اعتداء على براءة الطفولة ومخالفة شديدة لشرعة حقوق الطفل المنصوص عليها في المعاهدات الدولية وبخاصة معاهدة 1989 التي تحمي الطفل من الممارسات التي تسيء إلى تكوينه ونموه الطبيعي جسديا ونفسيا.
ولكن عندما يكون الزواج نكاحا يهدف فقط للمتعة واشباع الغريزة تسقط كل القيم الإنسانية الراقية والتشريعات الدولية ومتى سقطت القيم لن نستغرب أن ينهار المجتمع ..
ومبروك لسماحة الماذون !